طبيبة وأم عراقية تجول الولايات الأسترالية بعد نيوزيلندا
بحثًا عن تحقيق أحلامها في بلاد الفرص
سيدربوست Cedarpost
ما إن فُتحت أبواب الهجرة للكفاءات في مطلع التّسعينات، اضطرّت الطبّيبة النسائيّة المتخصّصة الى ترك العراق المتألّم وتوضيب حقائب عائلتها الصغيرة التي لم تتّسع للذّكريات، للبحث عن وطنٍ آمن في نيوزيلندا. هناك لم يعرف أحد شيئًا عن بلدٍ إسمه العراق.
إنتقلّت الدكتورة جومان فرجو من نيوزيلندا إلى أستراليا حيث استقّرت وعائلتها وشعرت بالإنتماء إلى هذا الوطن.
جومان فرجو، طبيبة متخصصة في أمراض النساء والولادة. ستختصر لنا رحلتها من العراق إلى نيوزيلند فأستراليا ومناطقها النّائية البعيدة التي خدمت فيها لسنين قبل إستقرارها والعائلة في سيدني.
عشرون عامًا من رحلة الإصرار على النّجاج رغم كل الصّعاب.
لم تعرف الدكتورة فرجو ولا زوجها أحدا في نيوزيلندا، وهناك لم يعرف أحد شيئًا إطلاقًا عن العراق.
عائق اللغة في نيوزيلندا كان بحد ذاته تحديا خاصا رغم أن اللغة الثانية في العراق هي الإنجليزية، لكن اللهجة النيوزيلندية كانت أكثر تطلبا للطبيبة الشابة من الأسترالية التي ستتقنها لاحقا.
نظرًا إلى أنّه لم يكن لدى العراقيين خيار للعودة الى العراق، أوضحت الدكتورة فرجو إلى أن هذا الأمر ساعد أغلبية العراقيين إلى الوصول إلى النجاج في ظل غياب إحتمالية للتراجع.
عبّرت الدكتورة فرجو أن التحديات الأكبر كانت في إتمام المعادلات المطلوبة لمتابعة التخصص ومزاولة مهنة الطّب التي أخذت منها سنينا عديدة من الدراسة في كلية الطب في جامعة بغداد.
لم تستلم الطبيبة الشابة الزوجة والأم، بل ثابرت رغم المتطلبات المعقدة التي تحتاجها ممارسة الطب في أستراليا من معادلة الشهادات، إضافة الى متطلبات أساسية مثل العودة إلى مقاعد الدراسة، وإختبارات عديدة للحصول على تأشيرة العمل الخاصّة في هذه المهنة.
إنتقلت العائلة من نيوزيلندا إلى أستراليا. إصرار الدكتورة فرجو لتحقيق أحلامها دفع بها إلى القبول بالعمل في المناطق المحتاجة البعيدة مما إضطرها للإنتقال مع طفلها في المرحلة الأولى إلى تازمانيا ومن ثم لم يكن لديها إلّا خيار الإنسلاخ عن زوجها وطفلها حتى إنهاء عملها في تازمانيا.
لاحقًا إنتقلت إلى مدينة نيوكاسل، حيث كانت تزور عائلتها مرتين في الأسبوع الى أن سمحت لها الظروف بالعمل قرب مكان إقامة العائلة.
“في البداية، إنتقلتُ أنا وإبني ماثيو إلى تازمانيا للعمل، وكان آنذاك يبلغ من العمر ثلاث سنوات. كنت أعتني به ولكن لصعوبة عملي كطبيبة، اضطررتُ لاحقًا إلى العودة به إلى سدني ومن ثمّ إلى أوكلاند حيث بقي بعناية والدتي لمدّة ثلاث أشهر حتى إنهاء عملي في تازمانيا.”
كان الأمر صعبًا جدًّا بالنّسبة إلى الطبيبة الأم لأنها كانت تشعر بالذّنب تجاه إبنها. وهكذا وبعد مرور سنة كاملة من ممارسة عملها الطّبي هناك، إنتقلت الى نيوكاسل، مما سهل عليها زيارة عائلتها خلال عطلة نهاية الأسبوع. هذه التضحيات قابلها حضورٌ نوعيّ من الأولاد إذ عبّرت قائلة:
لم يكن الإنسلاخ عن العراق والإنخراط في المجتمع الأسترالي سهلا.
“أستراليا أبكتني في مرات كثيرة ولكن لم أتنازل، لم أستسلم وبقيتُ أحاول. الحمدلله أنّني وصلت.”
ولكن رغم التحدّيات الكثيرة، عبّرت الدكتورة فرجو أنها من اللحظة الأولى شعرت أن أستراليا هو وطنٌ لها ولعائلتها.
“لم نشعر بالغربة. من اليوم الأول ننتمي أنا وعائلتي إلى هذا البلد. نحن نحب العراق ولكننا نشعر أن هذا هو وطننا الثاني.”
تنظر الدكتورة جومان فرجو إلى الوراء، وتشعراليوم بالرّضى والفخر لأنّ تضحياتها أثمرت وإبنها ماثيو طالب يتخصّص بالطّب.
“شيء مهمّ أن يروا أن والدتهم تحاول أن تحقق أهدافها وفي نفس الوقت تعتني بهم. وبهذا أظن أنني علمتهم أكثر مما لو ضحيتُ بشهادتي وخصصت كل الوقت لهم. إصراري علمهم الإستقلالية والإعتماد على النفس.”
وختمت داعيةً المهاجرين إلى تحقيق الإنجازات أينما كانوا موجهة نصيحتها لهم قائلة:
“المكان ليس مهمًّا. أينما أنت يمكنك أن تكون منجزا وأن تصل إلى ما تريد.”
عن “أس بي أس” عربي24
رابط مختصر –https://cedarpost.com.au/?p=10189