أقلام

مرّ السامري، ولم يلتفت ؟!

أنطوان القزي

سيدربوستCedarpost أنطوان القزي

أنطوان القزي

أمس استفاقت مرثيّاتُ المدن على جدائلِ أطفالنا،

واوقدت أسرجةُ يافا مجامرَ الليمون،

تموزياتٍ تعشقُ نراجيل البحار.

شبّاكٌ واحد، تسمّرت ضلوعُه في الجدار،

أيقظَ الفضاء سقفاً هارباً، دونهُ سحاباتُ ميسلون.

أمس أغوتْهم موجةٌ عارية، لعقوا زبدَ أكفانهم،

حفروا سيماءهم طيَّ المراسي،

ربما يعودون،

ربما تعشق السارية ملحَ جباههم.

أغنية القمح ترفل اكاليلهم، ومحادلُ السطوح مهابيج العنادل.

متى يذرف القبطان رذاذ نعاسه، متى يسبرُ الأفقُ أحلامهم؟

عابرون كالصمت، معاولهم تعشقُ الأقباس،

وأطيافهم قبائلُ عوسَج.

أين المجوسي التائه، أسدل نجومه لأطفال المهود،

أرخى مجاذيفه أقباس البحار، وارتوت من راحتيه أهدابُ الأقاح،

أوقد نعاسه سراجاً وافترشت هداياه لوحةً سومرية:

“هنا عانقت عشتارُ أسيافَ الرحيل،

هنا خبّأ يونانُ مفاتيحَ الآلهة،

أوصد درب المفاتن وشرّع صدرهُ للخطيئة”.

أمس أوقدت أغساقُ عكا جرحَ الطلول،

واستفاق الأحبار على بيلاطسَ القوطي،

يرصف الأعمدةَ دخانَ الراكعين،

يسألُ الهيكل عن ريق المزامير.

أمس لوّنتْ مساكبُ الهديل أجنحةَ المسافات،

بارك السيّدُ آخرَ تينةٍ عاقر،

وألتهم العطاشُ أخرَ دوّارةٍ في الغور.

أمس خرج يوسف من البئر، لفّ قوسَ قزحٍ زوّادةَ اخوته،

عصاهُ تسأل الدروب عن نجّار الناصرةِ الذي رحل.

أمس في ساحة الغجر،

راقص نيرون نادلةً صمّاء، فأبرقت وأرعدت وطاب الجنون.

أمس حملت أختامهم بصماتٍ حُبلى وتواقيعَ سافرة،

نزفت أحقادُهم خبزاً يابساً…

مرّ السامري ولم يلتفت…

رابط مختصر:https://cedarpost.com.au/?p=12582

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى